الجمعة، 13 ديسمبر 2013

نصائح مهمة إلى عامة الأمة من أجل القضاء على الفتنة

نصائح مهمة إلى عامة الأمة

من أجل القضاء على الفتنة

نصائح إلى أهل مصر وغيرها من بلاد الإسلام

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن اتبع هداه،

أما بعد، فإن الإمام مسلم أخرج في صحيحه (55) من حديث تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ».

وبوَّب عليه ابن حبان في صحيحه بقوله: ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ النَّصِيحَةِ فِي دِينِ اللَّهِ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً.

وعلَّقه البخاري في صحيحه في إحدى تبويباته بصيغة الجزم، وأخرج بعده حديث جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ».

من هذا المنطلق كانت هذه النصائح التي أتوجه إليها إلى طوائف الأمة من أجل الخروج من الفتنة التي عمَّت وطمَّت في البلاد إعذارًا إلى الله تعالى، كما قال الله عز وجل: {وَإِذَا قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ.فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}.

وأنا لا أملك إلا هذه النصائح، ولا قدرة لي على تغيير الواقع إلا بالنصح والإرشاد ونشر العلم النافع، وعلى الله البلاغ، وهذه هي مهمة العلماء وطلبة العلم: التعليم والدعوة إلى الله على بصيرة؛ حيث إن بعض الشباب الحريصين على نصرة المنهج الحق، قد يتخيلون أن العلماء يملكون عصا موسى عليه السلام لتغيير الواقع، أو أنهم عاجزون؛ لأن فئامًا من الناس لا تستجيب لدعوتهم، ونسي هؤلاء الغالطين على العلماء أنهم لا يملكون إلا هداية الإرشاد والدلالة أما هداية التوفيق والسداد لا يملكها إلا الله عز وجل.

وقد خطبت خطبة الجمعة اليوم السابع عشر من رمضان 1434 ببعض هذه النصائح، وأكملت بعضها في الدرس بعد الخطبة، وأحببت أن أنشرها مكتوبة ليسهل نشرها في المنتديات خاصة لأهل بلدي مصر، الذين يمرون بفتن عارمة هذه الأيام بسبب خوارج العصر: حزب الإخوان المسلمين، وبسبب بعد أغلبهم -إلا من رحم الله- عن العلماء.

فأقول مستعينًا بالله عز وجل: إن شهر رمضان قد انتصف، وكما قال ابن الجوزي في كتابه التبصرة (2/81): "أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ شَهْرَكُمْ هَذَا قَدِ انْتَصَفَ، فَهَلْ فِيكُمْ مَنْ قَهَرَ نَفْسَهُ وَانْتَصَفَ، وَهَلْ فِيكُمْ مَنْ قَامَ فِيهِ بِمَا عَرَفَ، وَهَلْ تَشَوَّقَتْ هِمَمُكُمْ إِلَى نَيْلِ الشَّرَفِ، أَيُّهَا الْمُحْسِنُ فِيمَا مَضَى مِنْهُ دُمْ، وَأَيُّهَا الْمُسِيءُ وَبِّخْ نَفْسَكَ عَلَى التَّفْرِيطِ وَلُمْ، إِذَا خَسِرْتَ فِي هَذَا الشَّهْرِ مَتَى تَرْبَحُ، وَإِذَا لَمْ تُسَافِرْ فيه نحو الفوائد فمتى تبرح".

وأخرج البخاري في الأدب المفرد من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَى الْمِنْبَرَ، فَلَمَّا رَقَى الدَّرَجَةَ الْأُولَى قَالَ: «آمِينَ» ، ثُمَّ رَقَى الثَّانِيَةَ فَقَالَ: «آمِينَ» ، ثُمَّ رَقَى الثَّالِثَةَ فَقَالَ: «آمِينَ» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْنَاكَ تَقُولُ: «آمِينَ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؟ قَالَ: " لَمَّا رَقِيتُ الدَّرَجَةَ الْأُولَى جَاءَنِي جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: شَقِيَ عَبْدٌ أَدْرَكَ رَمَضَانَ، فَانْسَلَخَ مِنْهُ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَقُلْتُ: آمِينَ. ثُمَّ قَالَ: شَقِيَ عَبْدٌ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ، فَقُلْتُ: آمِينَ. ثُمَّ قَالَ: شَقِيَ عَبْدٌ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: آمِينَ".

فأقول: فهذا شهر رمضان فرصة سانحة لكل من سعى للإصلاح، أن يتلمس أيام وليالي هذا الشهر المبارك؛ كي يخرج منه كيوم ولدته أمه بلا ذنب، ويستأنف حياة طيبة قائمة على الطاعة والتقوى.



* أولاً نصائح إلى عامة الشعوب المسلمة:

أقول: أنتم أهل القبلة، وعليكم تتنزل أحكام دار الإسلام، فاتقوا الله عز وجل، واحمدوا الله سبحانه على نعمة الإسلام، فإن أمم الكفر حُرموا من هذه النعمة العظمى، ويعيشون في ظلمات ودركات الكفر {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

{أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

فإن الإسلام هو النور الذي به تحيا قلوبكم، {نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ}، وعلى قدر إعراضكم وترككم لأحكامه تكون الظلمة في قلوبكم وحياتكم.

{ أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهِ أُولَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ}.

واعلموا أن ما تنشدونه من سعادة الدنيا، ورغد العيش لن يتحقق لكم أبدًا بالثورات ولا المظاهرات والاعتصامات، ولا بالديمقراطية والدولة المدنية.

إنما سعادتكم تتحقق بالالتزام بنحو هذه الآيات:

{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ.وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآَخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.

{إِن يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.

{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم}.

فلن تنالوا عزَّ الدنيا وحسنتها إلا بنصرة الله عز وجل بتجريد التوحيد لله عز وجل، وصدق الإخبات إليه سبحانه، ونبذ الشرك بكل صوره، وإقامة شرع الله سبحانه في العبادات والمعاملات والأخلاق، ونبذ التحاكم إلى القوانين الوضعية، مع الاستغفار من تقصيركم.

{الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ للهِ جَمِيعًا}.

{ وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ للهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.

{ وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}.

يا أمة الإسلام كونوا كما أمر ربكم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}.

يا أمة الإسلام، اعلموا أن أعظم منكر عُصي الله به، ويجب أن يُنهى عنه هو الشرك به سبحانه: {إن الشرك لظلم عظيم}، {وَمَن يُّشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}.

والشرك معناه أن تجعل لله ندًا في العبادة، فمن دعا غير الله عز وجل من الأموات من الأنبياء والصالحين، فقد أشرك الشرك الأكبر.

فاتركوا هذا الشرك وأنكروه بأيديكم -إن استطعتم-، وبألسنتكم، وبقلوبكم.

فإن تركتم الإنكار لهذا المنكر العظيم بألسنتكم وقلوبكم، وأنتم غير عاجزون عن هذا الإنكار، فلا جرم أن يُسلَط عليكم عدوكم فيستبيح بيضتكم، والله المستعان، كما قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (4/104): "وَكَانَ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَنْتَسِبُ إلَى الْإِسْلَامِ فِيهِ مِنْ النِّفَاقِ وَالرِّدَّةِ مَا أَوْجَبَ تَسْلِيطَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ".

إخوة الإسلام تذكروا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها في حديث العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ؛ حيث قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ لَهَا الْأَعْيُنُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا أَوْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَأَوْصِنَا. قَالَ: "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بَعْدِي اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ".

عباد الله أنتم ملزمون بسنن رسولكم وسنن خلفائه الراشدين لستم ملزمين بقواعد الديمقراطية والدساتير الوضعية والنظم المحدثة.

عباد الله الذين رضوا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولاً انبذوا شعارات الكفَّار التي أغروكم بها، وهي من سنن الجاهلية.

واعلموا أن هذا التيه الذي تحيون فيه لا مخرج لكم منه إلا بالتزام أحكام الكتاب والسنة وآثار سلف الأمة.

لا خروج منه لا بديمقراطية ولا مظاهرات ولا اعتصامات ولا انتخابات.

إن هذه الوسائل ابتدعها الكفار للسيطرة على شعوبهم، ثم صدروها إلى بلاد الإسلام لإشاعة الفتنة.

ولا يوجد عالم منصف يحترم دينه يجيز هذه الوسائل، إنما يجيزها أهل الأهواء من حزب الإخوان المسلمين وأنصارهم، والأحزاب الليبرالية والاشتراكية، والعامة الغوغاء، وأما شريعة الإسلام فلا تجيز هذا البتَّة.

وأقول لهؤلاء الذين يجيزون المظاهرات: قوموا بإجراء دراسة حول ما سبق من المظاهرات في شتى البلاد منذ أن نشأت هذه البدعة، واحصروا عدد القتلى والسرقات والانتهاكات للأعراض التي تحدث فيها أو بسببها، وسيظهر للعقلاء عظم ضرر ومفاسد هذه المظاهرات، وأنه لا وجود في الحقيقة لما يسمونه بالمظاهرات السلمية؛ فكما أنه لا وجود لما يسمونه بالمشروبات الروحية -وهي في الحقيقة خمر-، فكذا لا وجود لما يسمونه بالمظاهرات السلمية -وهي في الحقيقة فساد عريض-، فالخمر خبيثة في ذاتها، وكذا المظاهرات خبيثة في ذاتها، وكلاهما محرم لذاته ولما يترتب عليه من مفاسد عريضة.

وكما أن الخمر أم الخبائث، فالمظاهرات منبع الشرور والفساد والفتن في الزمن المعاصر.

والله يقول: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ}.

وأهل المظاهرات يسيرون خلف أهواء الكفّار ويرددون شعاراتهم، فكيف يكون المنكر معروفًا، ويكون الفساد صلاحًا؟!

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ. أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ}.

أيها المسلمون الزموا صراط ربكم { وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ}.

واعلموا أن الكفار يحيكون لكم الشر ليلاً ونهارًا، وقد أشرت إلى شيء من مكرهم المعاصر في خطبة: "مكر الكافرين والاستغاثة بأرحم الراحمين"، ونقلت فيها ما جاء في البروتكول الرابع من بروتكولات حكماء صهيون (ص130/ط الترجمة العربية/ترجمة الأديب عباس محمود العقاد):

"كل جمهورية تمر خلال مراحل متنوعة:

أولاها: فترة الأيام الأولى لثورة العميان التي تكتسح وتخرب ذات اليمين وذات الشمال.

والثانية: هي حكم الغوغاء الذي يؤدي إلى الفوضى، ويسبب الاستبداد... وإنه –أي الاسبتداد- خفي محجوب عن الأنظار ..تصرفه منظمة سرية تعمل خلف بعض الوكلاء، ولذلك سيكون أعظم جبروتًا وجسارة".

وفي البروتكول السادس (ص136): "وسنزيف مظهرًا تحرريًّا لكل والهيئات وكل الاتجاهات، كما أننا سنضفي هذا المظهر على كل خطبائنا، وهؤلاء سيكونوا ثرثارين بلا حد، حتى أنهم سينهكون الشعب بخطبهم، وسيجد الشعب خطابة من كل نوع أكثر مما يكفيه وما يقنعه".

وقالوا كما في (ص144): "إن الكلمات التحررية لشعارنا الماسوني، هي: "الحرية والمساواة والإخاء"، وسوف لا نبدل كلمات شعارنا، بل نصوغها معبرة ببساطة عن فكرة، وسوف نقول: "حق الحرية، وواجب المساواة، وفكرة الإخاء"، وبها سنمسك الثور من قرنيه، وحينئذ نكون قد دمرنا في حقيقة الأمر كل القوى الحاكمة إلا قوتنا".

قلت: فهذا واضح أن اليهود هم الذين يحركون هذه الثورات والمظاهرات لتحقيق أهدافهم الدنيئة، ولكن سنة الله سبحانه ماضية في حق اليهود: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.

قال البغوي في تفسيره معالم التنزيل: "وَقِيلَ: كُلَّمَا أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ لِيُفْسِدُوا أَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَوْقَدُوا نَارَ الْمُحَارَبَةِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ، فَرَدَّهُمْ وَقَهَرَهُمْ وَنَصَرَ نَبِيَّهُ وَدِينَهُ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْحَسَنِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ حَرْبٍ طَلَبَتْهُ الْيَهُودُ فَلَا تَلْقَى الْيَهُودَ فِي الْبَلَدِ إِلَّا وَجَدْتَهُمْ مِنْ أَذَلِّ النَّاسِ، {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}".

وقال البيضاوي: "وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أي للفساد وهو اجتهادهم في الكيد وإثارة الحروب والفتن وهتك المحارم.

وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ فلا يجازيهم إلا شرًّا".

وقال السعدي: "{وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} فلا يتآلفون، ولا يتناصرون، ولا يتفقون على حالة فيها مصلحتهم، بل لم يزالوا متباغضين في قلوبهم، متعادين بأفعالهم، إلى يوم القيامة {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ} ليكيدوا بها الإسلام وأهله، وأبدوا وأعادوا، وأجلبوا بخيلهم ورجلهم {أَطْفَأَهَا اللَّهُ} بخذلانهم وتفرق جنودهم، وانتصار المسلمين عليهم".

ونحن في {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}

قال ابن جرير: قوله:"هُدى للناس"، فإنه يعني رَشادًا للناس إلى سبيل الحقّ وقَصْد المنهج.

وقال ابن كثير: " {وَبَيِّنَاتٍ} أَيْ: وَدَلَائِلُ وحُجَج بَيِّنَةٌ وَاضِحَةٌ جَلِيَّةٌ لِمَنْ فَهِمَهَا وتدبَّرها دَالَّةٌ عَلَى صِحَّةِ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْهُدَى الْمُنَافِي لِلضَّلَالِ، وَالرُّشْدِ الْمُخَالَفِ لِلْغَيِّ، وَمُفَرِّقًا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْحَلَالِ، وَالْحَرَامِ".

أيها الآباء اعلموا أنكم رعاة على أهليكم وبيوتكم وأنكم مسئولون عن رعيتكم، فتذكروا قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.

واعلموا أن صلاح الأسرة به يكون صلاح المجتمع، فلا تنتظروًا حاكمًا أو وزيرًا يصلح لكم أهليكم وأولادكم، بل الأمانة ملقاة على كاهلكم فلا تضيعوها ولا تحملوها الحكَّام.

أخي المسلم ليكن شعارك { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}.

* ثانيًا: نصائح إلى الأحزاب:

أقولها ناصحًا أمينًا: يا دعاة الحزبية وأنصارها اتركوها فإنها -والله- ضد الإسلام، وجاء تحريمها في نصوص قطعية، وإنما أباحها الكفار بشريعة الديمقراطية التي هي من حكم الطاغوت.

{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ . فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.

أخرج ابن جرير بسند صحيح عن ابْنُ زَيْدٍ قَالَ: «هَذَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْأَدْيَانِ وَالْكُتُبِ، كُلٌّ مُعْجَبُونَ بِرَأْيهِمْ، لَيْسَ أَهْلُ أهَوَاءٍ إِلَّا وَهُمْ مُعْجَبُونَ بِرَأْيهِمْ وَهَوَاهُمْ وَصَاحِبِهِمُ الَّذِي اخْتَرَقَ ذَلِكَ لَهُمْ».

إن مسألة تعدد الأحزاب هي سياسة فرعون قديما التي ذمَّها الله سبحانه وجعلها من الفساد في الأرض، فقال سبحانه: { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.

أخرج ابن جرير بسند صحيح عن قتادة قال: أَيْ فِرَقًا يُذَبِّحُ طَائِفَةً مِنْهُمْ، وَيَسْتَحْيِي طَائِفَةً، وَيُعَذِّبُ طَائِفَةً، وَيَسْتَعْبِدُ طَائِفَةً.

وهي السياسة نفسها التي يستخدمها أهل الكفر من دولة اليهود ونصارى أمريكا، وهي إشاعة مبدأ التعددية الحزبية في ديار الإسلام كي يفرقوا أمة الإسلام إلى أحزاب متناحرة، بها يتمكنون من اسعتبادها، فيستضعفون طائفة، ويؤيدون طائفة، ويذبحون طائفة.

هي سياسة فرِّق تسد، سياسة فرعون قديمًا، ففرعون هو شيخهم الأول في هذه السياسة الماكرة.

فهذا التفرق الحادث في الأمة إلى أحزاب يسعد الكفَّار أيما سعادة.

والله يقول: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.

قلت: فهذه سنة المشركين أنهم متفرقون إلى فرق وأحزاب مختلفة الأهواء.

وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}.

وقد بيَّن سبحانه إلى التفرق إلى شيع أي فرق وأحزاب هو من البلاء والعذاب الذي يوقعه الله سبحانه عقوبة على من شاء بقدره الكوني، فقال: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ}.

أخرج البخاري (4628) من حديث جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: 65]، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ»، قَالَ: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65]، قَالَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ» {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: 65] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا أَهْوَنُ - أَوْ هَذَا أَيْسَرُ -».

جاء في مرقاة المفاتيح: "قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: ...أَيْ: يَجْعَلَ كُلَّ فِرْقَةٍ مِنْكُمْ مُتَابِعَةً لِإِمَامٍ، وَيَنْشُبَ الْقِتَالُ بَيْنَكُمْ، وَتَخْتَلِطُوا وَتَشْتَبِكُوا فِي مَلَاحِمِ الْقِتَالِ، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، وَيُذِيقُ بَعْضُكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ. الْمَعْنَى: يَخْلِطُكُمْ فِرَقًا مُخْتَلِفِينَ عَلَى أَهْوَاءٍ شَتَّى".

وأخرج مسلم (2890) من حديث عَامِر بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ الْعَالِيَةِ، حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلًا، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْنَا، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا، فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُ رَبِّي: أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا".

قلت: فهذا الصراع القائم بين هذه الأحزاب قدر كوني وقع، وعلينا أن ندفعه بالسنن الشرعية.

فإن التفرق إلى أحزاب وفرق نقمة وعقوبة ربانية ليست كما يقول المتبعون لسنن اليهود والنصارى من أنصار الديمقراطية-: هي ظاهرة صحية.

بل هي ظاهرة مرضية تدل على بعد عن صراط الله المستقيم.

وهذا التفرق والتحزب والتناحر بين الأحزاب من أسباب إضعاف المسملين وتسليط الأعداء عليهم كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (22/254): "وَبِلَادُ الشَّرْقِ مِنْ أَسْبَابِ تَسْلِيطِ اللَّهِ التتر عَلَيْهَا كَثْرَةُ التَّفَرُّقِ وَالْفِتَنِ بَيْنَهُمْ فِي الْمَذَاهِبِ وَغَيْرِهَ".



وأقول لحزب الإخوان المسلمين على وجه الخصوص:

لقد نشأ حزبكم في أول أمره تحت شعارات براقة لم تحققوا منها شيئًا على أرض الواقع منذ نشأة حزبكم.

إنما منذ نشأة الحزب وأنتم تنصرون البدع والأهواء التي هي من أصول الفرق المبتدعة التي فارقت سبيل الصحابة.

وتنصرون المذاهب التي ابتدعها الكفار من اشتراكية وديمقراطية.

ولكم تحالفات قديمة وحديثة مع شتى أصحاب هذه المناهج المنحرفة عن الإسلام؛ كل هذا من أجل أن تصلوا إلى الحكم.

قال فتحي العسَّال في "الإخوان المسلمون بين عهدين" (ص11): "وفي عام 1953: جرى اتصال الشيوعيون بالإخوان المسلمين –عن طريق عبدالحفيظ الصيفي –الذي كان يحمل فكرًا تقدميًّا- لدخول الإخوان الجبهة الوطنية الديمقراطية، وقد قبل الإخوان الدخول –بطريقتهم الخاصة- فقد أبدوا تعذر إصدار بيان بانضمامهم إلى جبهة الوفديين والشيوعيين، بل سمحوا لمندوبي الجبهة بالاتصال بشباب الإخوان من الطلبة.. وبذلك اندس الشيوعيون إلى صفوف الإخوان لتدميرهم!!

ومن العجب أن يصرح المرشد حسن الهضيبي بقوله: "إن الشيوعية لا تقاوم بالعنف والقوانين، وأنه لا مانع لديه من أن يكون لهم حزب ظاهر، والإسلام كفيل بضمان وسلامة الطرق التي تسلكها البلاد".

وقال عبدالعظيم رمضان في كتابه "الإخوان المسلمون والتنظيم السري" (ص106): "وللحقيقة التاريخية فإن سيد قطب اعتبر الشيوعيين من الشرفاء في ذلك الحين، في مؤتمر الإخوان المسلمين الصحفي بشأن المسجونين السياسيين، طلب للشيوعيين الحرية كغيرهم ممن كانوا يكافحون الطغيان، ووصفهم بأنهم من الشرفاء الذين ينبغي أن نقارعهم الرأي بالرأي والحجة بالحجة، ولا نلقاهم بالحديد والنار.

وللحقيقة التاريخية أيضًا، فإن سيد قطب ما لبث أن عدل عن هذا الرأي في الشيوعيين بعد ثلاثة أيام فقط ! بمناسبة حوادث كفر الدوار، فقد صارع بإلصاقها بالشيوعيين دون تحقيق، وكتب مقالاً مؤثرًا ذكر فيه أنه كان يحترم الضمير البشري عن أن يكون من الدنس إلى حد يحارب عهدًا كالعهد الذي أشرق فجره منذ أيام، ولكن كم يخطئ الإنسان في تقدير مدى الدنس الكامن في بعض قلوب الناس"([1]).

قلت: أليس هذا تصريحًا واضحًا من سيد بأنه لا يلقي بالاً لضلال الشيوعيين وكفرهم، ولا يعتبره من الدنس، ومن ثَمَّ وسمهم بالشرفاء؟!

وهذا من تناقضات سيد وشذوذاته العديدة؛ حيث اعتبر محاربة الشيوعيين لعهد الثورة -والتي قام بها الضباط الأحرار بالتعاون مع الإخوان- من الدنس الكامن في القلوب، ولا يعتبر إنكار الشيوعيين لشريعة الإسلام من الدنس !! رغم أنه يكفِّر عامة المجتمعات الإسلامية تحت دعوى تركها لحاكمية الله وإقرارها بحاكمية البشر !! فما بال الشيوعيون المنكرون لوجود الله ولدين الله سبحانه لا لحاكمية الله فقط يصيرون من الشرفاء ؟!!

وقال عبدالعظيم رمضان في "الإخوان المسلمون والتنظيم السري" (ص198): "في تلك الأثناء كانت الظروف قد أخذت تجمع بين أقصى اليمين وأقصى اليسار ممثلَين في الإخوان المسلمين والشيوعيين:

فقد جرت اتصالات بين الفريقين لتنسيق التعاون بينهما في إسقاط نظام عبدالناصر.

ولم تكن هذه الاتصالات هي الأولى فقد سبقتها اتصالات أخرى في العام السابق 1953م حين أخذ التنظيم الشيوعي "حدتو" (الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني) في إنشاء جبهة وطنية ديمقراطية على مستوى الطلبة لمحاربة حركة الجيش".

وأما عن تمجيدهم للديمقراطية فحدث ولا حرج، وإليك بعض تصريحات أئمتهم:

قال أحمد ياسين –مؤسس حركة حماس الإخوانية-: "حتى ولو فاز الحزب الشيوعي، فسأحترم رغبة الشعب الفلسطيني".

وقال الغنوشي التونسي: "إنه يجب طرح الإسلام مثل غيره، ويجب احترام إرادة الشعوب، ولو طالبت بالإلحاد والشيوعية".

وقال عزيز دويك -رئيس المجلس التشريعي بحماس الإخوانية-: "إن أي تغيير في التشريعات الفلسطينية المعمول بها في البرلمان السابق الذي كانت تهيمن عليه حركة فتح سيخضع لاستفتاء شعبي تجسيدًا لمبادئ الديمقراطية التي فازت بموجبها حماس". (المصدر: إذاعة رام الله، رويترز).

وقال: "لا يجوز أن تكون الديمقراطية لغيرنا".

وقال: “سيكون قرار شعبنا هو الفيصل الذي نرجع إليه، والشعب يقضي ما يشاء أو يرفض ما يشاء، فهو وفق كل الأعراف الدولية ووفق مبادئ الديمقراطية، هو صاحب الحق في هذا المجال!!. اهـ

وقال القرضاوى: "البعض يقول: إن الديمقراطية ليست من الإسلام، والبعض يقول:إن الديمقراطية كفر، وأنا أقول: إن الديمقراطية هي من روح الإسلام، وتعاليمه". [قال ذلك في خطبة الجمعة 4/6/4..2م منشورة عبر الإنترنت].

قلت: وقد صدق العلامة مقبل بن هادي –رحمه الله- في قوله في المخرج من الفتنة (ص100): "وقد بقي الشباب المصري متحيرًا زمنًا طويلاً يرى الإخوان المسلمين في وادٍ وشرع الله في وادٍ، ومع هذا فهم يزعمون أنهم من الدعاة إلى الله".

قال العلامة الألباني - رحمه الله تعالى - : (( هذه لفظة أجنبية "..." ليس لهذه الكلمة معنى إسلامي صحيح لأنها تعني أن الحكم للشعب !!" .... "
و ما دامت الديمقراطية هي حكم الشعب ، فإذن الشعب يحلل ، والشعب يحرم حسب هواه !! " ... فنحن ننكر هذا الاستعمال الذي بدا يظهر في بعض البلاد العربية اليوم من ناحيتين :

أولا : من ناحية المعنى لأنه يعني - كما قلنا - أن الحكم للشعب ، وهذا كلام باطل ، فإن الحكم إنما هو لله عزوجل، ثم : من ناحية اللفظ ، لأنه لفظ غربي أجنبي ، لو كان يتضمن معنى صحيحا ما نرى استعماله لأنها رطانة غربية مقيتة ، فكيف وهو يتضمن معنى مخالفا للشريعة ؟!!

من هنا نحن ننكر على بعض الجماعات الإسلامية التي ترفع عقيرتها بالدعوة إلى الديمقراطية ، ولو أنهم يزينونها بكلمة " إسلامية " ! فيقولون :
ديمقراطية إسلامية !!"...")). (سلسلة الهدى والنور) شريط(353).
وقال العلامة مقبل بن هادي الوادعي في (نصيحتي لشباب عدن) :

(( إذا كان يعتقد أن الديمقراطية حق ويؤمن بها فهو كافر، لكن إذا كان متأولاً لأجل مطامع الدنيا فهو ضال)).

ومن الرموز الفكرية لحزب الإخوان مِمَّن غالى في الديمقراطية غلوًّا شنيعًا، ومجَّدها تمجيدًا، ووصفها بصفات لا يوصف بها إلا دين الله –الإسلام-:

"خالد محمد خالد"، لدرجة أنه ألَّف كتابًا سماه بـ"الديمقراطية أبدًا"، وقال في خاتمته (ص263): "فعلى الذين اقتنعوا بتصويرنا للديمراقطية وحقَّنا فيها أن يبشروا بها، ويظهروا نورها للجماهير، ويجعل كل واحد من نفسه جيشًا يخوض معركتها في ثبات وإصرار، ولا يضع سلاحه –الذي هو منطق وبلاغ- حتى نصير وبلادنا معنا جديرين بالحياة، وبكل ما كتبه الله للإنسانية من كرامة وحق..وعلى الذين لم يقتنعوا أن يحاولوا..!!

وإذا هم نَضَوا عن أنفسهم وثنية الهوى، ووطأة التهيُّب، فسوف تأيتهم من الله بصيرة جديدة([2])، تخبرهم أن الديمقراطية ليست ضرورية لترقية الحياة والأحياء فحسب.. بل هي ضرورية لإبقاء الحياة حياة، وإبقاء الأحياء أحياء !!!".اهـ

قلت: إذا كانت الديمقراطية بهذه المثابة، فلِمَ لم يوحي بها الله سبحانه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ؟!!

آلله غَفَل عن إعلام عباده في آخر وحي نزل من السماء بأمر يعد ضرورة لإبقاء الحياة حياة والأحياء أحياء ؟!! حاشا لله، وتعالى الله عن قول الأفَّاكين علوًّا كبيرًا !

أم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصَّر في البلاغ ؟!! حاشاه صلى الله عليه وسلم.

ونقل خالد محمد خالد في كتابه "أزمة الحرية في عالمنا" (ص70) عن كاتب أمريكي يسمى بـ"هارولد لاسكي" تحكم ثلة من رءوس رجال الأعمال في المجتمع الديمقراطي، وذكر بعض جرائمهم في هذا الشأن، ثم قال في (ص73): "ويحدثنا كتاب "مصرع الديمقراطية في العالم الجديد" عن أنواع تلك العصابات التي أشار إليها "لاسكي" وعن أسمائها ونشاطها حديثًا يكاد يخلع الأفئدة، ويحدثنا عن مأساة الزنوج في هذا الجحيم الرهيب ..يحدثنا عن الفرقة السوداء التي تنتظم عشرات الألوف من الأعضاء المدربين، والمقسمين إلى كتائب، والتي روعت الناس والعمال بصفة خاصة من عام 32 إلى 36، وكانت مؤسسات المال والصناعة تستخدمها لأغراضها البشعة، فتجلد العمال النقابيين، والزنوج، وتقتلهم وتخرب دور النقابات، وتروِّع حياة كل مفكر وسياسي يشكل بأرائه ونشاطه خطرًا على مصالح الرأسماليين الكبار.

والذي أود ألا يغيب عن بالنا ونحن نشهد مثل هذه الصورة الكالحة، أن مثل ذلك المروق لا يسيء إلى الديمقراطية ولا يدينها، ولا يعطي أبدًا أي مبرر للإعراض عنها".

وجاء في البيان الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين (موقعهم الرسمي على الإنترنت) بعد سقوط الرئيس محمد مرسي:

"بيان جماعة الإخوان المسلمين: نعلن رفضنا القاطع للانقلاب العسكري الذي تم ضد الرئيس المنتخب وإرادة الأمة ونرفض المشاركة في أي عمل مع السلطة المغتصبة والتعامل العنيف مع المتظاهرين السلميين. وندعو المتظاهرين لضبط النفس والتزام السلمية ونرفض ممارسات الدولة البوليسية القمعية من قتل واعتقالات وتقييد لحرية الإعلام وإغلاق القنوات. حمى الله مصر من كل سوء والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون والله أكبر ولله الحمد * يؤكد الدكتور محمد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية أن الإجراءات التي أعلنتها القيادة العامة للقوات المسلحة تمثل انقلابًا عسكريًا مكتمل الأركان وهو مرفوض جملةً وتفصيلاً من كل أحرار الوطن الذي ناضلوا لكي تتحول مصر إلى مجتمع مدني ديموقراطي, كما يشدد الرئيس بصفته رئيسًا للجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة على جميع المواطنين مدنيين وعسكريين: قادة وجنودًا الالتزام بالدستور والقانون وعدم الاستجابة لهذا الانقلاب الذي يعيد مصر إلى الوراء والحفاظ على سلمية الأداء وتجنب التورط في دماء أبناء الوطن وعلى الجميع تحمل مسئولياتهم أمام الله ثم أمام الشعب والتاريخ. {والله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون}".

قلت: لذلك صدق هذا الباحث العلماني (د. عبدالمنعم سعيد) حينما ذكر في ملاحظاته على برنامج حزب الإخوان الانتخابي ما يلي في كتابه: "الدين والدولة في مصر..الفكر والسياسة والإخوان المسلمون" (ص275): "الملاحظة الثانية... أنه لا يوجد ما يجزم بأن برنامج الإخوان يقوم على مرجعية إسلامية بالفعل، فإذا كانت هذه المرجعية مشتقة من القرآن والسنة ومن التاريخ الإسلامي كله، حيث جرى تطبيق هذه المرجعية، فإنه لا يوجد دليل واحد على أن ما قدمه الإخوان من مقترحات وسياسات هو إسلامي فعلاً، فمن يقرأ البرنامج بدقة سوف يجده تعبيرًا عن دولة ناصرية اشتراكية تقوم على التوسع في دور الدولة، ولا تثق كثيرًا في المبادرة الفردية، وكلاهما لا يتفق الفقهاء على أنه الصورة (الإسلامية) للدولة نصًّا أو تاريخًا، فلا النص الإسلامي قال بهذا الحجم من القطاع العام والبيروقراطية الحكومية، ولا التاريخ الإسلامي –خاصة في فترات الازدهار- ...

الملاحظة الثالثة: أن قول الإخوان بأن "الإسلام هو الحل"، كان يقتضي تحديد المشكلة –أو المشاكل- المراد حلّها، والتأكيد على أن الحلّ المقدَّم هو حلٌّ إسلامي بالفعل.

صحيح أن البرنامج يطرح في ثناياه مشاكل الفقر والفساد والسلطوية السياسية، ولكنه لا يطرح أبعادها وإشكالياتها مقدمًا حتى يتم إدراك "الطريقة الإسلامية" في الحل.

ومن الملاحظ أن البرنامج يعتمد في مقاومة الفساد ومكافحة الفقر على مجموعة من الإجراءات والنظم المشتقة من الديمقراطيات الغربية مثل الفصل بين السلطات واستقلال القضاء وحرية الصحافة، وكلها لا يوجد لها أصول في التاريخ الإسلامي، وكان واجبًا للصدق ردّها إلى أصولها بحيث يظهر بوضوح أن الديمقراطية على الطريقة الغربية هي أيضًا الحل".اهـ



ثالثًا: نصائح إلى جنود الجيش والشرطة في كل بلاد الإسلام:

أقول لهم: أنتم في رباط وجهاد فعليكم أن تصلحوا نياتكم وأعمالكم.

بوَّب البخاري في كتاب الجهاد: بَابُ فَضْلِ رِبَاطِ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

وأخرج (2892) من حديث أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ الغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا»

وأخرج مسلم (1913) من حديث سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ».

وصح أيضًا في الحديث: "رباط يوم في سبيل الله أفضل من قيام رجل وصيامه في أهله شهرًا". الصحيحة (1866)

"الرِّبَاطُ" مُرَاقَبَةُ الْعَدُوِّ فِي الثُّغُورِ الْمُتَاخِمَةِ لِبِلَادِهِ".

قال الحافظ: "مُلَازَمَةُ الْمَكَانِ الَّذِي بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ لِحِرَاسَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُم".

وأقول لجند مصر على وجه الخصوص: لكم البشرى في حديث أم سلمة: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى عِنْدَ وَفَاتِهِ فَقَالَ: «اللهَ اللهَ فِي قِبْطِ مِصْرَ فَإِنَّكُمْ سَتَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ، وَيَكُونُونَ لَكُمْ عِدَّةً، وَأَعْوَانًا فِي سَبِيلِ اللهِ»([3]).

.... يتبع.



وكتب

أبو عبدالأعلى خالد بن محمد بن عثمان المصري

ليلة السبت الثامن عشر من رمضان 1434ه

([1]) المصدر: مقال "حركات لا تخيفنا" بقلم سيد قطب [الأخبار: 156، أغسطس 1952].

([2]) ما ندري ما هي صفة هذه البصيرة؟! أهي وحيٌّ من الله عز وجل؟!

كيف هذا وقد انقطع الوحي واكتملت الرسالة بنزول قول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}، ولا يحل لأحد بعد وفاة رسولنا صلى الله عليه وسلم أن يدَّعي أنه أوتي ببصيرة من الله حكمًا شرعيًّا لم يأمر به الرسول صلى الله عليه وسلم.

([3]) أخرجه الطبراني في الكبير (23/265) قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ، ثنا بُنْدَارٌ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ النَّرْسِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.

قال الإمام الألباني في الصحيحة (7/307): "وهذا إسناد صحيح لا أعرف له علة؛ فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير شيخي الطبراني، لكن الأول منهما زكريا الساجي؛ فهو ثقة حافظ مترجم في "تذكرة الحفاظ "، وقال في "الميزان ":

"أحد الأثبات، ما عرفت فيه جرحاً أصلاً ".

وشيخه "بُندار" اسمه محمد بن بشار أبو بكر، وقد تابعه محمد بن المثنى، وهو المعروف بـ "الزَّمِن "، وكلاهما من رجالهما، قال الحافظ في "التقريب": وكان هو و"بندار" فَرَسَيْ رهان، وماتا في سنة واحدة".اهـ

قلت: لكن أخرجه ابن عبدالحكم في فتوح مصر (ص4) قال: أخبرنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا سلمة بن عبدالرحمن حدثه أن رسول الله ..وذكره.

عمرو بن الحارث المصري، ثقة حافظ فقيه، من أعلام مصر.

وأما يحيى بن أيوب الغافقي المصري، فهو صدوق، إلا أنه ليس بالقوي كما قال النسائي، وقال الدارقطني: في حديثه بعض الاضطراب، وغمز البعض في حفظه.

وعليه فإن رواية عمرو بن الحارث المرسلة هي المحفوظة.

لكن للحديث طريقين آخرين مرسلين يعتضد بهما الحديث، وهما:

ما أخرجه ابن عبدالحكم في فتوح مصر (ص4) قال حدثنا أبي حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبدالرحمن بن زياد عن مسلم بن يسار مرسلاً بنحوه.

وما أخرجه أيضًا (ص5) قال حدثنا عبدالملك بن مسلمة ثنا ابن وهب عن أبي هانئ الخولاني عن أبي عبدالرحمن الحُبُلي وعمرو بن حريث وغيرهما مرسلاً أيضًا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق